بوروسيا دورتموند يعود الى دوامة الإفلاس

لم يكن خروج بوروسيا دورتموند من دوري ابطال اوروبا مجرد خسارة او مرحلة فاشلة عابرة للفريق الالماني، بل هي نقطة تحوّل ستمتد مفاعيلها الى مواسم عديدة مستقبلاً، فأحد أهم اندية «البوندسليغا» تاريخياً يعيش حالةً مادية غير عادية، تترافق مع خسائر اكبر في الموسم المقبل بفعل مستواه الفني الحالي
كارثة حقيقية تلوح في الأفق بالنسبة الى بوروسيا دورتموند الذي لم يكن تجاوز حتى الآن أزمة خسارته ما بين الـ80 والـ90 مليون يورو بعد تفشي وباء «كورونا»، حتى جاءته نكسة دوري ابطال اوروبا التي قد تعيده سنوات عديدة الى الوراء. هذا الامر شبه اكيد، إذ إن فريق منطقة الرور الصناعية يقف حالياً في المركز الخامس على لائحة ترتيب الدوري الالماني بفارق 7 نقاط عن صاحب المركز الرابع، وهو المركز الاخير المؤهل الى المسابقة القارية الأم.
ماذا يعني هذا العرض؟ يعني بكل بساطة أن دورتموند، في حال بقائه خامساً في «البوندسليغا»، لن يحصل على اي مردود مالي من المشاركة الاوروبية الأهم، وهو الذي تمسّك بأمل الذهاب فيها الى اكثر من الدور ربع النهائي لمضاعفة ارباحه، ولمحاولة الفوز باللقب وتأمين مقعدٍ في نسخة السنة المقبلة، وهو أمر لن يحصل بعد تبخّر كل هذه الاحلام بالخسارة ثم الخروج امام مانشستر سيتي الانكليزي مساء الاربعاء.
دورتموند لم يعتمد اصلاً على نتائجه في المواسم القريبة الماضية لتحقيق الارباح المالية، بل على عاملين اساسيين، أوّلهما جمهوره المحتشد في مدرجات «سغنال إيدونا بارك»، والذي حُرم منه منذ تفشي «كورونا» في المانيا، ما جعله يخسر الكثير من المردود المالي. اما ثانيهما فهو بيع نجومه للاندية الاوروبية الكبرى.
والخطة الثانية هي التي سيُجبر على اعتمادها في الاشهر المقبلة، وهو الذي يملك كنزاً اسمه النروجي إيرلينغ هالاند، ولاعب صاحب قيمة مالية مرتفعة هو الانكليزي جايدون سانشو.
الاثنان سيكونان في صلب عملية التمويل لتفادي الانهيار الذي كان قريباً من بطل اوروبا السابق قبل سنوات، إلى درجةٍ شارك غريمه بايرن ميونيخ في عملية إنقاذه من الافلاس. وخطة بيع هالاند وبدرجةٍ اقل سانشو، ستحصل لا محالة، رغم تأكيدات المدير الرياضي ميكايل تسورك أن النادي سيسعى الى ابقائهما في الصيف المقبل.
لكن الاكيد ان قراراً غبياً سيكون عدم قبول اي عرضٍ لهالاند مثلاً في ظل تنافس اكبر اندية القارة للحصول على خدماته، وذلك حتى لا تتكرر تجربة سانشو التي يندم عليها دورتموند اليوم بكل تأكيد. النادي الالماني كان قد رفض عرضاً من مانشستر يونايتد الانكليزي بقيمة 102 مليون يورو في الصيف الماضي، لكنه سيكون محظوظاً اليوم في حال باعه بنصف هذا المبلغ، أوّلاً بسبب تراجع مستوى اللاعب وتعرّضه للاصابات هذا الموسم، وثانياً بسبب انخفاض الاسعار في سوق الانتقالات من جراء الجائحة التي تركت اثرها السلبي على الوضع المالي العام لكل الاندية.
لذا لا يفترض ان ينتظر دورتموند اكثر لبيع هالاند الذي اتخذ والده ومدير اعماله مينو رايولا اصلاً قرارهما بنقله الى نادٍ خارج المانيا، فكانت جولتهما الاخيرة في اسبانيا لوضع شروطهما على برشلونة وريال مدريد الراغبين بالتعاقد معه. وهالاند هذا، وإن كان يمتاز بالقوة البدنية والقدرة الهائلة على التكيّف مع صعوبة المباريات وخشونتها، كأي لاعب آخر معرّض للاصابة، وهو ما قد يقلّص من قيمته المالية. لذا فإن دورتموند لن يكرر خطأه الماضي، وسيبيع نجمه وهو في قمّة مستواه لتفادي المزيد من الخسائر لاحقاً.
خسارة هالاند طبعاً ستكون ضربةً كبيرة للفريق الاصفر والاسود، لكن عليه ان يقتنع منذ الآن بأن الموسم المقبل قد يكون أصعب مالياً وفنياً، إذ إن مدرباً جديداً هو ماركو روزه سيتولى الاشراف عليه، ما يعني انه سيلجأ الى اعادة بناء الفريق، مدركاً سلفاً أنه بدلاً من تعزيز تشكيلته سيخسر ابرز عناصرها، ولن يمكنه تعويض هالاند او سانشو بلاعبين من المستوى نفسه، في ظل شحّ المال في خزينة ناديه، وايضاً عدم وجود مروحة خيارات واسعة في السوق لعناصر مصنّفين من المستوى الاول في دائرة النجومية.
لكن يفترض عدم القلق كثيراً من الناحية الفنية، إذ إن دورتموند اشتهر بايجاده المواهب الشابة القادرة على التعويض، وتجربة الانكليزي جود بيلينغهام خير دليل، فهذا الشاب البالغ من العمر 17 عاماً أثبت انه بمستوى لاعبي الوسط العالميين، فبهر مدرب السيتي الاسباني جوسيب غوارديولا الذي قال انه لا يصدّق ان لاعباً بهذه السن يمكنه التأدية بهذا الشكل.
الأكيد ان دورتموند لن يكون على ما هو عليه حالياً بعد نهاية الموسم الحالي، وامتداداً الى الموسم المقبل، لكن خطة انقاذية باتت مطلوبة بسرعة قبل ان تتعقد الامور اكثر داخل الملعب وخارجه.

 

شاهد أيضاً

اللعب مع ميسي والعودة للريال.. 5 خيارات أمام رونالدو بعد طلبه الرحيل عن مانشستر

بات البرتغالي كريستيانو رونالدو هو محور الأحداث في الساعات الأخيرة، بعد طلبه الرحيل عن مانشستر …

اترك تعليقاً