بنزيما.. العمر مجرد رقم

يوماً بعد آخر، وواقعة إثر أخرى، تتجسد حقيقة أن العمر بالنسبة للاعبي كرة القدم من فئة «كبار السن»، ممن تعدوا حاجز الـ 30 عاماً، لم يعد أكثر من مجرد رقم في ملاعب «الساحرة المستديرة»، مشهد رسم تفاصيله على أرض الواقع، الفرنسي كريم بنزيما «34 عاماً» نجم ريال مدريد الإسباني، ليشكل نموذجاً في العطاء الراقي داخل المستطيل الأخضر رغم تخطيه عتبة الـ 30 عاماً من العمر.
فئة محددة
وبكل تأكيد، ليس كل لاعب كرة قدم تجاوز حاجز الـ 30 عاماً، بإمكانه أن يكون مثل بنزيما، إلا أن هناك حقيقة تتمثل بوجود فئة محددة بإمكانها تقديم عطاء نموذجي، وخدمة فرقهم أو حتى منتخباتهم الوطنية، بعيداً عن عبور حاجز الـ 30 عاماً، من خلال المحافظة على مستوى أداء راق داخل المستطيل الأخضر، وتشكيل ورقة رابحة، تماماً كما يفعل الآن النجم الفرنسي الشهير مع الريال، سواء في دوي أبطال أوروبا أو في الدوري الأسباني.
صناعة الأهداف
وما يجعل من النجم بنزيما، نموذجاً للاعبي كرة القدم، هو عدم اكتفائه بتسجيل الأهداف مع الريال، بل دوره المؤثر في صناعة الأهداف لزملائه في الفريق الملكي، وبمعدل 14 تمريرة حاسمة، إلى جانب تسجيله 44 هدفاً في 46 مباراة خلال جميع بطولات الموسم الجاري، ليكون أول لاعب فرنسي يعبر حاجز الـ 10 أهداف في موسم واحد في دوري أبطال أوروبا، ورابع لاعب يسجل «هاتريك» في مباراتين متتاليتين «باريس سان جيرمان وتشيلسي» في دوري أبطال القارة العجوز، بعد لويس أدريانو ورونالدو وميسي، وصاحب 7 «هاتريك» طوال مسيرته مع «الساحرة المستديرة».
فرق الإمارات
وعلى صدى تألق بنزيما بعد تجاوز حاجز الـ 30 عاماً من العمر، فإن فرق الإمارات لكرة القدم، تبدو زاخرة بلاعبين من فئة «كبار السن» الذين يتفاوت عطاء كل واحد منهم مع فرقهم في مختلف البطولات المحلية والخارجية، وهذا ما يشدد عليه حسن مراد، نجم كرة القدم الإماراتية السابق، بقوله: مستوى أداء لاعب كرة القدم، دائماً ما يقترن بحجم النضوج الفني لدى ذلك اللاعب، خصوصاً بعدما يبلغ من العمر أكثر من 30 عاماً.
نموذج حي
ويوضح مراد قائلاً: نعم، النجم الفرنسي بنزيما يمثل حالياً نموذجاً حياً عن إمكانية تقديم مستويات باهرة، وخدمة فريقه بعد بلوغ 30 عاماً، وبقدر تعلق الأمر بلاعبينا، فإن فرق الإمارات، تضم حالياً لاعبين من فئة الـ 30 عاماً، يقدمون مستويات متفاوتة، لا يمكن أن تشكل صورة متكاملة للحكم، نظراً لاختلاف ظروف الحياة، ومعطيات التعامل الاحترافي مع كرة القدم هنا في الإمارات وفي أوروبا تحديداً.
قبل وبعد
وأضاف مراد: أداء لاعب كرة القدم، كثيراً ما يخضع لنمط محدد من الحياة، كونه لاعباً محترفاً أولاً وأخيراً، وأعتقد أن هذا النمط الحياتي لا يتوافر بصورة كاملة في ملاعبنا، ما يؤثر على حجم ونوع عطاء لاعبينا مع فرقهم داخل المستطيل الأخضر، سواء قبل أو بعد بلوغ الـ 30 عاماً.
مستويات طيبة
ولفت حسن مراد إلى وجود نجوم في فرق الإمارات، يقدمون مستويات وصفها بـ «الطيبة» رغم اجتيازهم حاجز الـ 30 عاماً من العمر، أمثال إسماعيل مطر، لاعب الوحدة، ووليد عباس، لاعب شباب الأهلي، وبندر الأحبابي، لاعب العين، وغيرهم، مشيراً إلى أن المنتخب الوطني، سيكون من أكثر المتأثرين سلبياً في حال عدم ظهور اللاعبين من فئة «كبار السن»، بصورة فنية جيدة مع فرقهم في البطولات المحلية والخارجية.
التأسيس الحركي
الدكتور علاء جمال، المدير الرياضي لأكاديمية ونادي يونايتد لكرة القدم في الإمارات، أكد على الأهمية القصوى لما أسماه بـ «التأسيس النفس الحركي»، والذي يسبق الإعداد البدني بمفهومه المعروف، منوهاً إلى أن أي إهمال في التدرج في فصول تلك المرحلة، يؤشر إلى حالة غير مبشرة في مستقبل مسيرة اللاعب، مشيراً إلى أنه لا مفر من توفر ملف تدريبي للاعب منذ المرحلة الأولى المعروفة بالناشئين، متضمناً مراحل حياة اللاعب بكل تفاصيلها، وأسلوب حياته، وعلاقته الوثيقة بالجوانب البدنية.
قواعد أساسية
وأضاف: لا بد من إعداد قواعد أساسية للمحافظة على مستويات أداء مرتفعة لدى اللاعبين بعد التقدم في العمر، وذلك من خلال تطبيق أسلوب حياة علمي منذ مرحلة الناشئين، باعتبار ذلك، قاعدة ينطلق منها العمل في تطوير وتكوين اللاعبين الصغار، وصولاً إلى مرحلة الاحتراف، واستمرار العطاء لأطول فترة ممكنة من عمر اللاعب، وبالتالي العمل على إنجاح فكرة استثمار النجم، كما يحدث في أوروبا.
برنامج شامل
وشدد الدكتور علاء جمال على أهمية وضع برنامج إعداد شامل للاعب منذ الصغر، متضمناً آليات سلامة أسلوب الحياة، ومدى التزامه بعدد ساعات النوم، ونوعية وجبات الغذاء الأساسية، ومعدل استهلاك المياه يومياً، والإيقاع الحيوي اليومي للاعب، لافتاً إلى أن فقدان أي جزء في برنامج الإعداد الشامل، سوف يعجل بنهاية رحلة اللاعب مع كرة القدم، داعياً إلى حتمية الاهتمام بأسلوب حياة اللاعب منذ الصغر، كونه كالنقش على الحجر، والقاعدة الرصينة للتأسيس السليم والبناء الصحيح، والضامن الأنجح لاستمرارية اللاعب في العطاء داخل المستطيل الأخضر بدنياً ونفسياً وسلوكياً بعد بلوغه مرحلة الـ 30 عاماً من العمر.
دراسة إسبانية
دراسة طبية أشرف على وضعها وتطبيقها البروفيسور انتون كالين من جامعة فيجو الأسبانية، لخصت استمرار عطاء لاعبي كرة القدم بعد بلوغ الـ 30 عاماً من العمر، بتقدم الطب الرياضي بصورة عامة، خصوصاً ما يتعلق بقواعد النظام الغذائي، ومراحل الاستشفاء من الإصابات، والمعدل الصحيح لخوض التدريبات، ومن ثم لعب المباريات، ومدى ملاءمة التجهيزات الرياضية في التأثير إيجاباً على أداء اللاعبين لأطول فترة ممكنة من الزمن.
تعزيز الثقة
وأشارت الدراسة الأسبانية إلى إمكانية تواصل عطاء اللاعب في ملاعب كرة القدم لفترات زمنية طويلة في حال عزز الجهاز الفني للفريق الثقة لدى اللاعب المعني من فئة «كبار السن»، والعمل على وضع برنامج بدني خاص يضمن استمرار ارتفاع معدل لياقته البدنية خلال التدريبات والمباريات على السواء.

شاهد أيضاً

اللعب مع ميسي والعودة للريال.. 5 خيارات أمام رونالدو بعد طلبه الرحيل عن مانشستر

بات البرتغالي كريستيانو رونالدو هو محور الأحداث في الساعات الأخيرة، بعد طلبه الرحيل عن مانشستر …

اترك تعليقاً